♠ ♠ ♠
♠ ♠ حي الفجالة في القاهرة هو أشهر حي في بيع الكتب والأدوات المدرسية ، ولا يوجد طالب في القاهرة إلا وقد إرتاد هذا الحي لشراء الكتب الخارجية والكراسات والكشاكيل والأقلام منه ، وكان زميلاً لنا ونحن في الجامعة إبن صاحب أكبر مكتبة في الفجالة ، وهي تحت عمارة ضخمة وفخمة في هذا الحي ، وكنا نحن أربعة أصدقاء متلازمين من المدرسة إلى الجامعة إثنين منا مسلمين وإثنين مسيحين ، وأتفقنا أن نلتقي كل خميس عند المكتبة ، ونأخذ إبن صاحب المكتبة معنا كان الحاج والد هذا الصديق يحبنا جداً ، لإننا لنا صفات أعجبته فلا أحد منا يدخن ولا نتلفظ بألفاظ خارجة ، وكان شديد الحب لبطل هذه القصة ويقول له إذا رأه كنت أتمنى أن تكون أحد أبنائي ، فيقول له أنا إبنك يا حاج فيرد كنت أريدك إبن يرث ، كان يعلم أن بطل القصة فقد أمه وأباه وهو لم يتجاوز الثامنه عشر من عمره ورغم هذا كان مجتهداً في دراسته ومستقيماً في سلوكه ، رغم أنه يملك سيارة ويعيش في بحبوحة من العيش ، وفي خميس كما العادة ذهب بطل القصة إلى المكتبة ليتلاقى مع أصدقائه ، وعندما هم بإغلاق سيارته سمع على الرصيف المقابل من ينادي عليه بصوت جهور ، نظر للصوت فإذا هو لرجل ضخم الجثة له كرش يتقدمه بمسافة ليست بالقليلة ، وإتجه إلى هذا الذي نادى عليه فسأله صاحب الكرش ، ألست أنت فلان قال نعم قال أنا "الحنش" ، كنت معاك في أولى ثانوي ، هذا الإسم لا يُنسى فهو كان يشترك مع بطل القصة في الحرف الأول من الإسم الأول له ، ولكن هو عرف في الفصل "بالحنش" ، وكان قد رسب في أولى ثانوي ، والبطل إنتقل الى الثانية ثانوي ثم رسب مرة إخرى والبطل إنتقل الى الثالثة ثانوي ، ولما خرج البطل من المدرسة الثانوية إلى الجامعة كان هو قد تم فصله من المدرسة لإستنفاذ مرات الرسوب ، سأله بطل القصة ماذا فعلت بعد ترك المدرسة ، قال عملت مع إبي في تجارة الخردة في السبتية وتزوجت وسكنت في تلك العمارة ، وهي التي تحتها مكتبة والد الصديق ، ثم سأل بطل القصة ماذا تعمل أنت قال أنا معيد في الجامعة نظر إليه بشيء من التعالي ، وسأله كم راتبك قال له 120 جنية قال في اليوم قال لا في الشهر ، فضحك ضحكةً ظلت لسنوات ترن في إذن بطل القصة ، وقال له بإستعلاء واضح ، أنا اليوم الذي لا أكسب فيه ألف جنية أنامه أحسن وأريح جسمي ، وقال له كل عيل من أولادي مصروفه في الشر أكثر من 200 جنية ياراجل ، نظر اليه البطل وقال يا "حنش" كلامك قد يكون صحيحاً ، ولكن بعد عدد من السنوات سوف أحصل على الماجستير وبعد هذا سوف أحصل على الدكتوراه ، وأولادي في المدرسة عندما يُسألوا والدكم ماذا يعمل سوف يقولوا دكتور في الجامعة ، أما أنت فاليوم وغداً وبعد الغد إذا سُألوا أولادك عن عمل والدكم سوف يقولوا تاجر خردة في السبتية ، قال الحنش تعالى لزيارتي وشوف الأبهه التى أعيش فيها ، علم إيه ياراجل وأنتهى الحديث بينهما ، ثم أكمل بطل القصة يوم الخميس كما هو معتاد مع أصدقاءه ، ودارت الأيام وبعد سنوات من عودة بطل القصة من أمريكا بعد حصوله على الدكتوراه كان يجلس ذات يوم في أجازته على شاطئ البحر في المعمورة يقرأ الصحف ، فإذا بخبر إستوقفه وهو القبض على عصابة لسرقة السيارات وتقطيعها في ورشة خردة في السبتية وبيعها قطع ، ونظر إلى صورة صاحب الورشة فإذا هو "الحنش" ، فقام بطل القصة وسار إلى بيته المقابل للشاطئ ، وهو يردد قول الحق ويقول صدق الله العظيم ( تَبَارَكَ إِلَيَّ بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلٍّ شئ قَدِيرٌ ).
♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.