"
قد يتعجب البعض من أن هناك مشاعر تنام في عمق الإنسان ، لا ييقظها إلا حدوث زلزال فجأةً ، علماً أن الزلازل هي تدمر وتقتل كل شىء تضربه ، إلا المشاعر الإنسانية الحقيقية ، فالزلازل هي تبقيها قائمة وتخرجها من ثباتها ولا تدمرها ، أي أنها تعمل على إيقظها من النوم لتعيش الحياة ، وتتفاعل معها وتعطى وتأخذ ، فتعطى للحياة اللون والطعم والرائحة ، وتأخذ من الحياة ما بها من مرارة ، وتعيد صياغة الآشياء عندها حتى وتعيد تسمية آسماء هذه الأشياء ، وتصبح عندها مقبول ما كانت قد ترفضه ، وترفض ما كانت قد تقبله ، ويصبح لمسمى الموت معنى آخر ، ولمعنى الحياة إسماً آخر ، وتخرج من النفس بعد المعاناة إبداعات تقترب من الخوارق ، وقد يسأل الإنسان نفسه أين كانت ؟ فيكتشف بعد قليل أنها كانت نائمة في داخله ، إنتظاراً لزلزال يقظها ويخرجها للحياة ، هذا الكلام قد عشته من بعد زلزال موت أبي وأمي وأنا في عمرٍ صغير ، فقد توفيا والديا معاً بالأمس ، وبدأت مسيرتي مع الحياة ، هذه المسيرة تجعلني كلما نظرت إلى الخلف ، أتسأل أين كانت تختبئ هذه الأيام ، والتي أخرجت مني ما أنا أعيش به اليوم ، وكأن أقدار الله التي نعيشها تحمل كمال الرحمة التي كثيراً ما لا يدركها كل منا ، ويعتقد أنه قد نزل به منتهى البلاء ، وينسى أن الله رحيمٌ بعباده ، وفي أقداره رحمة لا تدرك في حينها ، لذلك أقول أن زلزال المغرب وإعصار ليبيا ، فيهما رحمة رغم الموت لا تدركها العقول إلا بعد حين ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.