الثلاثاء، 19 سبتمبر 2023

الزلزال .. الأديب د. محمد موسى

" من مذكرات أستاذ جامعي "

" الزلزال


 "

      قد يتعجب البعض من أن هناك مشاعر تنام في عمق الإنسان ، لا ييقظها إلا حدوث زلزال فجأةً ، علماً أن الزلازل هي تدمر وتقتل كل شىء تضربه ، إلا المشاعر الإنسانية الحقيقية ، فالزلازل هي تبقيها قائمة وتخرجها من ثباتها ولا تدمرها ، أي أنها تعمل على إيقظها من النوم لتعيش الحياة ، وتتفاعل معها وتعطى وتأخذ ، فتعطى للحياة اللون والطعم والرائحة ، وتأخذ من الحياة ما بها من مرارة ، وتعيد صياغة الآشياء عندها حتى وتعيد تسمية آسماء هذه الأشياء ، وتصبح عندها مقبول ما كانت قد ترفضه ، وترفض ما كانت قد تقبله ، ويصبح لمسمى الموت معنى آخر ، ولمعنى الحياة إسماً آخر ، وتخرج من النفس بعد المعاناة إبداعات تقترب من الخوارق ، وقد يسأل الإنسان نفسه أين كانت ؟ فيكتشف بعد قليل أنها كانت نائمة في داخله ، إنتظاراً لزلزال يقظها ويخرجها للحياة ، هذا الكلام قد عشته من بعد زلزال موت أبي وأمي وأنا في عمرٍ صغير ، فقد توفيا والديا معاً بالأمس ، وبدأت مسيرتي مع الحياة ، هذه المسيرة تجعلني كلما نظرت إلى الخلف ، أتسأل أين كانت تختبئ هذه الأيام ، والتي أخرجت مني ما أنا أعيش به اليوم ، وكأن أقدار الله التي نعيشها تحمل كمال الرحمة التي كثيراً ما لا يدركها كل منا ، ويعتقد أنه قد نزل به منتهى البلاء ، وينسى أن الله رحيمٌ بعباده ، وفي أقداره رحمة لا تدرك في حينها ، لذلك أقول أن زلزال المغرب وإعصار ليبيا ، فيهما رحمة رغم الموت لا تدركها العقول إلا بعد حين ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

انا فلاح .. الشاعر عبد المنعم مرعي

انا فلاح  انا فلاح ابن فلاح وابويا من الشقا  فاس الارض شق ايدة قسمها نصين رسم العلم فوق كفين ايدة وامي ست مصرية  وقت اللزوم عصرية وساعة الج...