الثلاثاء، 14 نوفمبر 2023

الأكفان .. الشاعر د. محمد موسى

" من مذكرات أستاذ جامعي"

"الأكفان


 "

             الكثيرون منا قد يجدون في ذكر الموت فائلاً غير حسن ، علماً أن الموت هو الحقيقية الوحيدة المؤكدة بعد "لا إله إلا الله" ، والعقلاء يرددون هذه المقولة دائماً "تذكروا هادم اللذات ومفرق الجماعات ، مخرب القصور ومعمر القبور" ، حتى لا تأخذهم الدنيا وينسون وجود الموت فلا يظلمون أحد ، وأنا تعرفت على الموت منذ كنت صبي في عمر 18 عام ، عندما دخل الموت في حياتي وأخذ من الحياة أمي وأبي ، ولسنوت كنت أبحث عن إجابة لسؤال أين ذهبت أمي وأبي ، فظل السؤال يلازمني مع صغر سني وعقلي ، وقرأت عشرات الكتب عن الموت والرحيل من الدنيا ، ولما نضجت عمراً وعقلاً أستقر بعقلي أن هذه دنيا ، الحياة فيها مؤقتة وهي دار إنتقال إلى المكان الذي أُنزل منه أبانا وأمنا بالمعصية والأكل من الشجرة ، وأن الإحسان في هذه الدنيا ثمن للعودة لجنة ربنا ، جنة غير جنة التجربة التى نُزل منها الأباء ، هذه العودة تكون لجنة الخلد والنعيم الذي لا يزول ولا يحول ، لذلك فالدنيا إذا حلت أوحلت وإذا كست أوكست ، حتى إستقر في قلبي وعقلي أن أمي في مكان أفضل من هذه الدنيا ، وبالأمس رأيت على التليفزون المصري مقابلة مع رجل فلسطيني في سوق غزة في مدينة العريش المصرية ، وسوق غزة موجود في القاهرة وفي الكثير من محافظات مصر ، وهذا الرجل يأتي ببضاعة من غزة لتاجر في العريش ويأخذ بضاعة من العريش لغزة ، وقد خرج الرجل من غزة يوم 6 أكتوبر 2023 وأتصل ببيته في غرة عندما بدأ الضرب في اليوم الثاني وأغلق المعبر ، ظل بالعريش وظل يتصل ببيته حتى أُخبر أن بيته قد تهدم نتيجة القصف الإسرائيلي على كل من فيه من زوجة وأبناء وأحفاد ، وبكى ففي هذه اللحظات شعرت بما هو يعانية ، وسألت نفسي هل الموت بهذه البساطة عائلة تنتهي في لحظة ، وعلمت أن سيارة معونات أنقلبت بعد عبورها معبر رفح في الطريق لأهلنا في غزة ، وكانت تحتوي على أكفان وسألت فعلمت أن كثرة أعداد الموتى جعل أهلنا في غزة تطلب أكفان ، هنا فتحت خزاتة ملابسي ففي الخزانة وضعت منذ شبابي ما سيكون كفني عندما يأذن ربي ، فأنا منذ شبابي في كل حجة أو عمرة كنت بعد الحج أو العمرة ، أطلب من الأوتيل أن يغسل إحراماتي وتأتي لي في كيس بلاستيك ، فأخذها إلى الكعبة وأغمرها في ماء زمزم وأتركها حتى تجف وأضعها في شنطة سفري ، عديد من هذه الإحرامات عندي حججت أو إعتمرت بها ، وقلت لمن حولي ولأخواتي ، إذا حان أجلي أُكفن ببعض هذه الإحرامات ويبقى الأخرين لورثتي ، لذلك لما تعدد فضل الله عليَ وحججت وأعتمرت مرات كنت أحج أو أعتمر بنفس الإحرامات السابقة التى غمرت بماء زمزم وأعيدها كما سبق الفعل بها ، والحمد لله رب العالمين ونسأل الله أن يحسن ختامنا. 

♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

انا فلاح .. الشاعر عبد المنعم مرعي

انا فلاح  انا فلاح ابن فلاح وابويا من الشقا  فاس الارض شق ايدة قسمها نصين رسم العلم فوق كفين ايدة وامي ست مصرية  وقت اللزوم عصرية وساعة الج...