...
"صَلُحَ الراعي فَصلُحت الرعية"
قاعدة يستطيع أي باحث في التاريخ الإنساني تأكيدها ، فلم نجد في التاريخ الإنساني المكتوب ما يتعارض معها ، لذلك أصبحت بديهية سَلم بها العقل ، فلا داعي للتوقف عندها وإضاعت الوقت ، ولكن الذي يستحق التوقف عنده والبحث فيه هو صلاح الراعي ، من أي ناحية هل صلاح الراعي مع الله أو صلاحه مع نفسه أو صلاحه مع الرعية ، الإجابة السهله هي من يتأكد صلاحه مع الله فلابد أن يعقب هذا صلاحه مع نفسه ثم صلاحه بالتالي مع الرعية ، ويصبح السؤال هل صلاح الإنسان مع نفسه نتيجة صلاحه مع الله ، أو هل صلاح الإنسان مع الناس نتيجة صلاحه مع نفسه ومع الله ، تطبيق هذه القاعدة بكل فروعها هو موضوع المقال ، فلما بعث محمد ﷺ كانت حياته نموذج يؤدي إلى حقيقة أنه لا يمكن حاشاه أن يكون كذاباً ، فصدقه مع رب ثم مع من حوله أدى إلى تكوين نماذج إنسانية فريدة في التاريخ الإنساني ، فمن مدرسته ﷺ خرج الصديق الذي حكم عامان بعد رحيله ﷺ ، وفي عامان حافظ على الدعوة بمواجهة المرتدين ومانعي الذكاة ومدعي النبوة ، وترك الدنيا وقد إستقر أمر الرعية ، وجاء من نفس مدرسة محمد ﷺ الفاروق الذي حكم عشر سنوات قلد معلمه ﷺ في عدله حتى عم بين الرعية الصلاح ، إمتدت في سنواته العشرة دعوة الحق لأقاصي الأرض ، وترك الدنيا وقد قضى على القوتين الأعظم في هذا الزمان الفرس والروم ، ثم جاء ذو النورين وحكم 22 سنه وهو خريج نفس المدرسة أكمل جمع القرآن الكريم الذي شُغل عن إكمال جمعه الصديق لمواجهة من واجه ، وشغل عن إكمال جمعه الفاروق لمواجهة من واجه ، وقلد معلمه محمد ﷺ بعدله وأستقرت الأمة الإسلامية وتوسعت وزاد ثراءها ، وترك الدنيا وقد أتم جمع القرآن ووزع نسخه على الأمصار فيما عرف بمصحف عثمان ، ثم جاء أول من أمن وهو طفل ومن يقال عنه إذا ذكر "كرم الله وحهه" ، وهو أيضا ربيب مدرسة محمد ﷺ وفي عهده ظهر الخوارج وظل سنوات تقترب من الأربعة يواجه خوارج ومن زاد في الدين السمح وهم من أنبأ عنهم صاحب الدعوة السمحة ﷺ ، "قوم مقصرين الثياب كُث اللحى تحقرون صلواتكم أمام صلواتهم وقراءة القرآن أمام قرأتهم قتلاهم هم شر قتلى على وجه الأرض" ، ومن عهده ظلوا يتنقلون هؤلاء الخوارج في كتاب تاريخ الأمة الإسلامية ويتلونون في كل عصر حتى وقتنا الحالي ، يخربون البلاد ويقتلون الأمان بين العباد ، وترك الدنيا ليأتي إبنه الأكبر الحسن بن على ظل في الحكم أقل من عام ، ثم ترك الحكم بعد أن صنع ما عُرف في التاريخ الإسلامي *بعام الجماعة* وصنع السلام كما كان جده ﷺ قد نبأ بهذا "إن إبني هذا سيكون سبباً في الإصلاح بين جماعتين" ، وبعد فترة زمنية يأتي حفيد الفاروق عمر بن عبد العزيز الذي كتبتُ عنوان المقال بسبب حادثه في عهده ، فقد وجد الذئب يرعى الغنم في عصره ، ومن المعروف أن الذئاب تفترس الأغنام فكيف ترعاها ، فكانت هذه المقوله التي ظلت في التاريخ *لقد أصلح عمر ما بينه وبين ربه فأصلح الله سبحانه وتعالى ما بين الذئب وبين الغنم* ، ثم بعد مده وجد الذئب يفترس الغنم فكانت هذه المقولة * لقد مات عمر*.
♠♠ ♠ ا. د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.