الخميس، 20 يونيو 2024

إنها فتنة فلا تكفر .. الشاعر والكاتب والباحث أحمد أحبيز

« إنها فتنة فلا تكفر


  »
( وسائل التواصل الاجتماعي بين الضر الكبير ونفع القليل )

إنما ما يشهده العالم اليوم في زمن الحداثة وما بعد الحداثة لم يكن بمحض الصدفة.. أو ناتج عن تطور العصر الذي نعيش فيه ولا نحيا فيه.. كما يتوهم البعض بالظن أو بالفكر أو بالرأي.. وإنما كان عمل قد خطط له منذ زمن طويل .. عندما علم الغرب أنهم لن يستطيعوا تغير الاسلام أوتحريف القرآن أو محوه من عقول المسلمين.. حينها دفعوا بالأمة العربية والاسلامية من قبل نحو الجهل والعجز والكسل والخمول... وفي المقابل احتكروا وسائل الانتاج المادية بالعلم والمعرفة وقاموا بتطويرها في مختلف المجالات الاقتصادية والصناعية والسياسية والاجتماعية و تعليمية والتربوية ... وغير ذلك، فصاروا يفرضون على الدول العربية والاسلامية مناهج سياسية جاهزة ومحددة حسب توجههم الذي يخدم مصالحهم في مختلف المجالات.. وهذا الفعل يدخل في باب التضليل عن طريق الاسلام إلى طريق الحداثة وما بعدها.. وقد اشار الله عزوجل إلى هذا الفعل العداء والمكر والخداع... من قبلهم في قوله تعالى ﴿ ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ماتبين لهم الحق ﴾ وقد تبين لهم الحق ما يزيد على 14 قرن من الزمان ... وليس لهم عذر عند الله لأن الاسلام كالغيث ما ترك بقعة من الأرض إلى أصابها... خصوصا في هذا العصر الذي اصبح فيه العالم كأنه قرية واحدة ناتج عن التطور الكبير في شبكة الانترنيت ووسائل الاعلام المختلفة... بحيت أن طُرق الضلال التي استعان بها الغرب كثيرة ومتشعبة.. ويشد بعضها على بعض كأنها سلسلة متصلة تزيد ولا تنقص.. لأن ما بعد الحداثة أشد ضرراً على المسلمين من الحداثة... والحقيقة أن الدول العربية والاسلامية أخطأت خطأ كبيراً وهي تدفع ثمنه اليوم كما نرى، أخطأت عندما لم تدخل مع الغرب في التحدي والمنافسة والمسابقة في مجال الانتاج العلمي والمعرفي المادي بكل أنواعه وأشكاله ... بل زودته بمصادر الطاقة التي يحتاجها في تطوير صناعاته.. ثم تركته يفعل ما يشاء، بل أنها قعدت قعدة واحدة و نزلت عن كرسيها الذي أجلسها عليه سلف الأمة الصالح من قبل قرون من الزمن وجعلوها ( أي: الأمة العربية والاسلامية ) سيدة على هذا العالم بعد أن كسروا شوكت الروم والفرس... وغيرهم.. وكان هذا الأمر يشبه الخيال وأقرب للمستحيل.. كما قال ابو سفيان رضي الله عنه عندما فتحوا عاصمة الروم في الشام التي كان هرقل يقيم فيها.. وهيؤوا لها الظروف والأسباب.. بعد أن وضع محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللبينة الأولى لدولة الاسلام العظيمة.. وأقصد بالسلف الأمة الخلفاء الرشدين والصحابة رضي الله عنهم أجمعين فقط.
و ها هو الغرب الآن في زمن الحداثة وما بعد الحداثة.. يقتل ما بقي من العلم..والمعرفة.. في الأمة العربية والاسلامية في محاولة جادة منه لإعادتها إلى عصر الجهل والظلال.. إلى عصر ما قبل إقرأ.. ومن بين الأسباب التي يحاربون بها العلم والمعرفة.. تشجعهم على التفاهة وتمجيد السفهاء والزنادقة.. فقاموا بإنشاء مواقع اجتماعية متنوعة تنشر التفاهات.. ثم تفتحوا أبوابها لسفهاء وتفهاء والزنادقة.. من بني جلدتهم و بني جلدتنا.. لنشروا ما يقتل الحياء ويخرب القيم والأخلاق ويزرع الشك في التوحيد .. وقد صنعوا نجوما سفهاء تفهاء وزنادقة.. وأغروهم بالمال ليضل الناس ويلهوهم عن ما ينفعهم وعن عبادة الله .. ومن مِنَا نحن المستهلكون والمستعملون.. لم تأثر عليه وسائل التواصل الاجتماعي في حدوث تشويش و ميل وخلل في حياته الفردية والعائلية والعملية والدراسية... وهذا مرتبط بالساعات الطوال التي يضيعها المستعملون في تصفح هذه المواقع بدون شعور بمرور الوقت.. فقد قاموا بسحر أعيونهم وعقولهم وأدخلوا مرض حب اللهو واللعب إلى قلوبهم.
حيث أصبحت فتنة وسائل التواصل الإجتماعي بكل أنواعها واشكالها... تشكل خطرا كبير جدا.. وتحدي كبير يواجه الانسان بصفة عامة في كيفية الحد من أثرها السلبي الكبير على حياة الانسان بصفة عامة، وهذا لا ينفي أن لها بعض المنافع المحدودة .. أما ضررها فليس محصور في طائفة معينة دون أخرى... بل على الفرد سواء كانوا رجالا أو نساءا، أطفالا وشبابا وشيوخاً وعلى الاسرة ونظامها الداخلي والخارجي و العائلة والجماعة وعلى المجتمع و الشعوب والأمم وعلى الدين والتدين معا...وهي سلاح هذا العصر أشد فتكا من الأسلحة المتطورة .. التي يمكن أن تهدم البنية التحتية من البيوت والمنشأت والمرافق والشوارع.. ونحو ذلك، حتى الأسلحة النووية مع شدتها يمكن أن تقتل الحياة في مكان وزمان معين.. لكنها لن تستطيع قتل إيمان الشعوب وقتل مبادئهم وأخلاقهم.. وإيمانهم ودينهم...أو قتل التواصل المباشر بينهم وتفقد بعضهم أحوال بعض عن كتب ومعاينة بالزيارة... لأن التواصل المباشر بين الناس والأقارب والعائلة.. يحي مشاعر الرحمة والتعاطف بين الناس بصفة عامة، بل أن الإنسان يحيا بدينه وكذلك الشعوب تحيا بدينها... أما فتنة وسائل التواصل الاجتماعي فهي تقتل القيم والأخلاق وتزين لناس حب اللهو والشهوات وتسرق اوقاتهم...وتجعل المرء يمسي مؤمناً ويصبح كافراً.. بما تشحنه من وساوس وافكار واهواء وشهوات ... في كثير مما ينشر فيها من مقاطع الفديو أو المنشورات.. تدعو إلى الإلحاد وتشجع عليه.. فأصبح الإنسان لا يقرأ شيء من العلم النافع في الكتب... بل هجروا الكتب واستبدلها .. بالهاتف الذكي المحمول وبالخصوص مواقع التواصل الاجتماعي بكل انواعها واشكالها.. وإنا من الأسف الشديد نجد أمة اقرأ لا صارت لا تقرأ شيء... وإنما هي في الحقيقة وسائل التخريب الاجتماعي.. لأنها تساهم في قطع العلاقات وتباعد الافراد وتدع إلى الاكتفاء بالتواصل عن بعد وهذا الفعل مخالف لما يدع إلى الدين الاسلامي الذي يأمر بالتواصل بالجسد وما حوى.. بل أنها تخرب الفكر والنفس والقلب وتسرق عمر الإنسان في تصفحها ساعات وساعات بين مقاطع اللهو والرقص والاباحية...ومقاطع الافلام والمسلسلات...بدون فائدة ...
بحيت صار المستهلكون لهذه المواقع الاجتماعية لا يقرؤون في الهواتفهم ما ينفعهم وما يستفدون منه فكراً وعلمياً ... وإنما تراهم يبحثون عن اللهو ثم اللهو من المقاطع التافهة ونحو ذلك ...وهم على هذه الحالة ساعات بالليل والنهار إلى درجة العادة والادمان.. وبهذا هجروا العلم والتعلم ما ينفعهم في الدنيا والاخرة.
وهنا يجب أن أشير الى حديث النبوي الصحيح هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اخبر بهذا الأمر.. ونحن نعلم أن لكل أمر حدث له سبب قبلي هو الذي كان سببا في حدوثه..لأن السبب مقدم على المسبب كما ذكر علماء الاصول.. فقد قال عليه الصلاة وسلم " إن من اشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر وتنتشر الزنا " وهذا الحال اصبح اليوم ملموساً ومشهوداً في هذا العصر ... فالعلم نراه اليوم يرفع ويقل وينتشر الجهل والجهلاء واصحاب التفاهات من السفهاء والغاوين والزنادقة وغيرهم.. بسب فتنة ما ينشرون هجر المسلمين للعلم وتعلم وقرأت الكتب.... واقبالوا على وسائل التواصل الاجتماعي... التي اصبحت مرتعا لنشر التفاهات وصناعة التفاهات من اشخاص تفهاء جهلاء سفهاء.. يضرنا الناس بأفعالهم وأقوالهم ويضلونهم عن طريق الصلاح والفلاح صاروا نجوم التفاهات في العالم.
وفي المقابل من باب الشفافية والمصداقية العلمية فلا يمكن أن ننكر بعض الجوانب الإجابية لوسائل التواصل الإجتماعي رغم أنها قليلة جدا ولا تثير اهتمام كثير من مستعمل هذه المواقع الاجتماعية، وهذا كان للإشارة من باب الأمانة العلمية لأن الله عز وجل عندما ذكر الخمر والميسر أظهر جانبهما الإجابي كما جاء في قوله تعالى ﴿ ويسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما أثم كبير ومنافع لناس وإثمهما أكبر من نفعهما ﴾ ولتشبيه فكذلك وسائل التواصل الاجتماعي ضررها أكبر من نفعها بكثير. ومن نفعها نذكر:
- قرأة المقالة العلمية والأدبية بصفة عامة.. ومشاهدة المقاطيع الصوتية لشيوخ وعلماء يمكن أن يستفيد منهم الانسان في حياته.. ويزدد بهم علما ومعرفة في مختلف العلوم والمجالات .
- الاطلاع على المستجدات الادبية والعلمية واخبار العالم
- التعرف على بعض الاصدقاء الجدد من الاساتذة والادباء وعلماء في مختلف التخصوصات العلمية والادبية وغير ذلك، يمكنك أن يستفيد مما ينشرونه على صفحاتهم من العلم والمعرفة.. فيزداد بذلك معرفة وعلما.. ونحو ذلك، في كل ما ينفع ولا يضر.
أما ضررها فهو كبير جداً لا يكاد يحصر وهذه بعض سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي نذكرها على سبيل التوضيح لا على سبيل الحصر:
- اضاعت الانسان ساعة طويلة بالنهار وباليل من عمره في تصفح مقاطع الفديوهات المختلفة المليئة بالتفاهات في ما يضره ولا ينفعه.
- الإلهاء عن اداء الصلاة في وقتها وتخلف عن صلاة الجماعة في أكثر الأحوال بلا عذر أو اضاعتها بالكل.
- الإلهاء عن العمل الذي ينفع في الحاضر والمستقبل.
- تضيع الحق النفس والبدن في الراحة والنوم وخصوصاً بالليل.
- اهمال تربية الأبناء من طرف الأبوين وعدم تفقد احوالهم والصعوبات الكبيرة التي يوجهونها في الدراسة وفي حياتهم اليومية.. بسبب تأثير ادمانهم على وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب.
- تفكيك رابط الأسرة وغياب الحوار ونقاش والمشاورة بين افرادها.. وهذا الأمر قد فقد بشكل شبه كلي مع ظهور هذه المواقع الاجتماعي.
- اصبح الانسان حاضرا وغائبا وحيا وميتا في نفس الوقت.. لأنه انفصل عن الواقع بهاتفه المحمول الذي يحمله بين يديه حتى اصبح رأسه بلا عقل.. وبصره بلا بصيرة وقلب بلا شعور واحساس.. كأنه بهيمة لا تعقل.
- أنسو الانسان أن الله تعالى لم يخلقه عبثا وإنما خلقه لهدف وغاية كما قال عز وجل ﴿ وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ﴾
- وقد نحج انصار الحداثة وما بعد الحداثة في جعل الانسان يعيش عيشة اقرب لعيشة الحيوان، يعيش بهواه وبغرائزه.. في قطيعة شبه تامة مع الدين.. فأنا أقصد الانسان العربي والمسلم لأن الحداثة اساسها القطيعة مع الدين إلى لا دين.. والانسان إذا كان يعيش بلا دين فانه أضل من الحيوان.. لأن الدين وحده هو القادر على ضبط حياة الانسان بالسير على الطريق المستقيم.
- وبصفة عامة فإن لوسائل التواصل الاجتماعي العديد من الآثار السلبية، كالتأثير على صحة الأفراد النفسية كالإصابة بالقلق والحزن والهم والغم والاكتئاب، كما تأثر على ثقافة المجتمع، وانتشار الأخبار الكاذبة، وزيادة التنمر الإلكتروني، وزيادة الشعور بالوحدة، حتى ولو كان مستعملها يتواصل يوميا مع العشرات أو المئات من الأشخاص فهذا الأمر لا يغنيه عن الشعور بالوحدة والملل.. إلى جانب البعد عن التواصل المباشر مع الآخرين وتقوقع على النفس وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى تراجع زيارة الأقارب بين الأقارب و إلى الفراغ العاطفي.. كما أن لوسائل التواصل الاجتماعي دور كبير وأثر بليغ في تفكك الأسرة والمجتمع وهذا هو خطرها الكبير الذي يهدد الأمة العربية والإسلامية في المستقبل الذي ينذر بأن يكون اسوأ من الحاضر وهذا الأمر لا يدركه كثير من الناس الذي لا ينظرون في أحوال الأمة العربية والاسلامية بتمعن وتفحص وتدبر وتبصر.
وفي الختام أقول: إن فتنة مواقع التواصل الاجتماعي كما يسمونها في هذا العصر تعد من أخطر الفتن على الناس واضرها بعد فتنة المال والنساء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنها تهدد حياة الناس الأسرية واستقرارهم العاطفي .. وراحتهم النفسية والبدنية وتسرق اوقاتهم وأعمارهم وهم لا يشعرون.

بقلم : الشاعر والكاتب والباحث أحمد أحبيز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

انا فلاح .. الشاعر عبد المنعم مرعي

انا فلاح  انا فلاح ابن فلاح وابويا من الشقا  فاس الارض شق ايدة قسمها نصين رسم العلم فوق كفين ايدة وامي ست مصرية  وقت اللزوم عصرية وساعة الج...