الثلاثاء، 3 أكتوبر 2023

من مذكرات أستاذ جامعي .. الشاعر د/ محمد موسى

"من مذكرات أستاذ جامعي


 "

"عندما نمتُ يتيماً حزيناً وأستيقظتً يتيماً راضياً"

             في أول ليلة نمت فيها وأنا "يتم" ، فمنذ ساعات قليلة دفنت أمي وأبي ، وحلمت هذه الليلة أغرب حلم في حياتي ، ولا أدري لما سيطرت على عقلي المدينة الفاضلة التي سبق أن قرأتها وأنا في بداية تعليمي الثانوي ، "قرأت المدينة الفاضلة عند أفلاطون ، (Utopia) وهي من أشهر المواضيع الفلسفية التي أثارها أفلاطون في فلسفته ، وهي مدينة خيالية يحلم بأن يسكنها أُناس طيبون يعيشون فيها في سلام ووئام لا يعرفون فيها الغل ولا الحسد ، وكذلك قرأت المدينة الفاضلة عند الفارابي حيث غاية الفارابي من فكرة المدينة الفاضلة هي تكوين مجتمع فاضل مثالي يتحقق فيه كل قيم السعادة والحكمة والعدالة والفضيلة ، أي كل القيم الأخلاقية ، وفي الثانوية العامة كتبت مقارنة بينهما" ، ولما نمت في ليلة ٢٠ أكتوبر أول ليالي اليُتم صنعت أنا مدينة فاضلة ، فهل لأني كنت خائف من الأيام المقبلة ، وكيف سأواجه زمان وأنا أكبر أخواتي وعمري صغير وخبرتي أصغر ، ربما كان هذا هو سبب حلمي ، فتصورت مدينة فاضلة صنعها الله عز وجل لأعيش فيها ، لأن الله عز وجل كان قوتي وسبحانه كان حمايتي ، فهي مدينة بلا سجون ولا شرطة ولا جيش ولا وزارات إلا وازرة للتعليم ووزارة للصحة ووزارة خدمات تشمل كل حاجات الخلق ، من إنارة ومياة ومواصلات ، مدينة العقاب فيها لحظي من عند الله سبحانه وتعالى ، الذي يكذب فيها يجد لسانه قد سقط فوراً من فمه ، والذي يتلصص ويتحسس ويتجسس يجد نفسه وقد فقد حاسة السمع ، والذي ينظر ليفضح مستور أو ليرى حرام يفقد عيناه ، والذي يتحرش بالنساء أو يزني يُخصىَ فوراً ، والمرأة الزانية تشوه ، ومن يقتل يُقتل فوراُ بيد الله ، والذي يسرق لا يجد له يد بعد السرقة ، والتاجر الغير أمين كالسارق في العقاب ، وباقي الجرائم يفقد عضو أو يشوه وجهه ، ولما سرت في الشارع وجودتُ الكثير من هؤلاء ، فقلت مجتمع من المشوهين أعيش فيه ، فجاء لي رجل عليه وقار وقال لي أن الله بفضله جعل أعمارهم قصيرة ، لذلك عما قليل لن تجد لهم وجود ولن يعيش معك إلا الأسوياء ، وبعدهم لم يرتكب أحداً حرام ، قلت له إذن لن يعيش بيننا لص ولا متجسس ولا قاتل ولا شارب خمر ولا مرتكب حرام ، وكأننا سنعيش في الجنه ، بلا موت ولا حساب ، فقال لي حتى يأمن الجميع ولا يكون بينكم لاجوعان ولا عُريان ولا خائف ولا مظلوم ولا مستغل ولا كذاب ، ثم قال لي بإبتسامة مطمئنة وحتى يتأهل الناس للعيش في الجنة ، ولا أعرف لماذا لما إستيقظتُ من النوم في صباح أول يوم وأنا "يتم" ٢١ اكتوبر ، شعرت بالراحة لا بالخوف الذي نمتّ وأنا عليه.

   ♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

انا فلاح .. الشاعر عبد المنعم مرعي

انا فلاح  انا فلاح ابن فلاح وابويا من الشقا  فاس الارض شق ايدة قسمها نصين رسم العلم فوق كفين ايدة وامي ست مصرية  وقت اللزوم عصرية وساعة الج...