
"
"عندما نمتُ يتيماً حزيناً وأستيقظتً يتيماً راضياً"
في أول ليلة نمت فيها وأنا "يتم" ، فمنذ ساعات قليلة دفنت أمي وأبي ، وحلمت هذه الليلة أغرب حلم في حياتي ، ولا أدري لما سيطرت على عقلي المدينة الفاضلة التي سبق أن قرأتها وأنا في بداية تعليمي الثانوي ، "قرأت المدينة الفاضلة عند أفلاطون ، (Utopia) وهي من أشهر المواضيع الفلسفية التي أثارها أفلاطون في فلسفته ، وهي مدينة خيالية يحلم بأن يسكنها أُناس طيبون يعيشون فيها في سلام ووئام لا يعرفون فيها الغل ولا الحسد ، وكذلك قرأت المدينة الفاضلة عند الفارابي حيث غاية الفارابي من فكرة المدينة الفاضلة هي تكوين مجتمع فاضل مثالي يتحقق فيه كل قيم السعادة والحكمة والعدالة والفضيلة ، أي كل القيم الأخلاقية ، وفي الثانوية العامة كتبت مقارنة بينهما" ، ولما نمت في ليلة ٢٠ أكتوبر أول ليالي اليُتم صنعت أنا مدينة فاضلة ، فهل لأني كنت خائف من الأيام المقبلة ، وكيف سأواجه زمان وأنا أكبر أخواتي وعمري صغير وخبرتي أصغر ، ربما كان هذا هو سبب حلمي ، فتصورت مدينة فاضلة صنعها الله عز وجل لأعيش فيها ، لأن الله عز وجل كان قوتي وسبحانه كان حمايتي ، فهي مدينة بلا سجون ولا شرطة ولا جيش ولا وزارات إلا وازرة للتعليم ووزارة للصحة ووزارة خدمات تشمل كل حاجات الخلق ، من إنارة ومياة ومواصلات ، مدينة العقاب فيها لحظي من عند الله سبحانه وتعالى ، الذي يكذب فيها يجد لسانه قد سقط فوراً من فمه ، والذي يتلصص ويتحسس ويتجسس يجد نفسه وقد فقد حاسة السمع ، والذي ينظر ليفضح مستور أو ليرى حرام يفقد عيناه ، والذي يتحرش بالنساء أو يزني يُخصىَ فوراً ، والمرأة الزانية تشوه ، ومن يقتل يُقتل فوراُ بيد الله ، والذي يسرق لا يجد له يد بعد السرقة ، والتاجر الغير أمين كالسارق في العقاب ، وباقي الجرائم يفقد عضو أو يشوه وجهه ، ولما سرت في الشارع وجودتُ الكثير من هؤلاء ، فقلت مجتمع من المشوهين أعيش فيه ، فجاء لي رجل عليه وقار وقال لي أن الله بفضله جعل أعمارهم قصيرة ، لذلك عما قليل لن تجد لهم وجود ولن يعيش معك إلا الأسوياء ، وبعدهم لم يرتكب أحداً حرام ، قلت له إذن لن يعيش بيننا لص ولا متجسس ولا قاتل ولا شارب خمر ولا مرتكب حرام ، وكأننا سنعيش في الجنه ، بلا موت ولا حساب ، فقال لي حتى يأمن الجميع ولا يكون بينكم لاجوعان ولا عُريان ولا خائف ولا مظلوم ولا مستغل ولا كذاب ، ثم قال لي بإبتسامة مطمئنة وحتى يتأهل الناس للعيش في الجنة ، ولا أعرف لماذا لما إستيقظتُ من النوم في صباح أول يوم وأنا "يتم" ٢١ اكتوبر ، شعرت بالراحة لا بالخوف الذي نمتّ وأنا عليه.
♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.