...2 ....
_____________
في الحضور الطاغي .كان متاعي اشواق ابددها على مربعي .تمتد الارض أمامي كأنني ارثها عن ابي .ابي لم يكن يملك شيئا سوى بضع خراف يسرح بها فوق هذا المد.كانت المروج خضراء ونحن نقيم في الخضراء .بيتنا يقترب من دلتا المنشي .النهر الذي شهد مولد العذراء غير ان النخلة إختفت الان .يا سبحان الله .فكرت كثيرا في حياتي وتمنيت ان تكلمت في المهد ربما طلبت من امي ان تعيدني إلى بطنها ولكن قبل ان تقرر السماء ان تفعل ذلك استعجلني القدر .فكانت صرخة البهجة وليست ببهجة .ما الذي فعلت حتى الان أشعر انتي عشت ازمانا كثيرة .زمن القحط وزمن الوفرة والزمن الاحوى.لكنني كما كنت .لازلت اتوسل لخطاي القديمة .أحبها كثيرا قبل ان تزكمني رائحة البحر .كم وددت وانا اخاطب خطاي ان أعود إلى الداموس القديم .كيف ولدتني امي على الارض صامتا ثم باكيا ثم صارخا في وجه العدم ثم لا شئ .سنوات إنتظرت امي ان ابتسم في وجه الحضور الذين أحتفوا بحضوري .ياله من قديس قالت عرافة زمنها .جائت على ظهر ناقة.مرت بطريق الحوش .فقصت في طريقها فحل بصل وقد وصلت تحمل أرث سليمان .قديس قالت امي .يافقيرة مازال وليدا حتى اننا لم نؤذن في أذنه اليمنى حتى لا يرث ابوماضي .أكلوا الثريد على بكائي الذي يشبه النحيب .قالت امي كأنك كنت على يقين انك ستجلب لنا التعاسة .يوم وضعت نساء الحي على رأسك الصخائب .وقرون الغزال ورأس حرباء من وادي خفي .أنفضت مواسم الترحال .كان ابوك قد لازم عمال الاثار .يبحثون عن الكنز الفقيد .دفنه ملك من أرض تليتماس في القرن الرابع .تقول نبؤة كتبت على ورق البردي عثر عليها رجل من تيني ناي أراد ان يتقاسم الذخر مع من بقي على أرض الخلاء.لكنهم طردوه .تقول الوثيقة ان الكنز مدفون تحت قبر الملكة (روضانة ) بنت ملك روحي غادر تارغلات يوم عم الطوفان العظيم .تقول الوثيقة ان الماء سيعم الصحراء وان مدن الطوب سوف تغزوا مدائن ترهونة .ويقام على دلتا الانهار مصانع للحب والكنز لازال مدفونا .لم يعثر عليه احد . ابوك يوم رأك قال هذا هو كنزي الكبير .سبحان الله أبتسمت أخيرا .
مررت على الداموس كان عمري فوق العقد الثاني .كان المكان اشبه باطلال مملكة أتي عليها الغزاة .حوافر الخيل رسمت على لحى الصخرة التى تخفي ورائها قبر سيدي عمر .كم من المرات كنت أهرب واذهب اليه.كان وحيدا كما هو الان .طلبت منه ان يشتري لي حذاء .بكي يوم علم أنني أجتزت المسافة حافيا .قال لي .ستكبر وانت تدرك ان الناس جميعا يرتدون الاحذية ويذهبون دون ان تخزهم الاشواك ولكن الحقيقة انهم يرتدون الاقنعة بدلا من ذلك .الاحذية لا يراها احد لكن الاقنعة هى التى يراها غيرنا .طلبت اليه ان يساعدني على الخروج من باطن الارض .لا أريد ان اكرر تعاسة ابي عاش نصف عمره تحت الارض .ويوم خرج على ظاهر الارض صار يبحث عن وطن ..قال الولي عليك وانت تكبر ان تعمل على تأثيث بيتك الذي ستبقى فيه إلى يوم القيامة .لسوف تجد وحشة غريبة وسيأكلك الدود وانت صائم .اما بيتك الذي تسعى اليه ستجده ذات يوم . فقط دع الزمن يمر .
تركت الروضة وأرتحلت لم اجد أثرا لأقدامي على أرض الخراف والماعز .لم اجد احذية مزقتها ساعة غضب.لم اجد صدى صوتي وانا أغني للقمر.حيث لم يزاحمني احد .كل الدروب كانت ملكي أسعى أينما أشاء .احببت خالدة حين رأيتها على بئر الماء .كانت تشبه الخنساء .رفعت برقعها فأسرني البريق.بيني وبينها الطريق رافقتني إلى تخوم المملكة فاستلمتني امي .ذلك اليوم قالت لي مرضعتني سترث الارض من بعد ابيك علم احفاذك كيف يعملون على الاستقامة .كيف لا وانا وحدي من أسرتني الخطئة لا أحسبني أورثها لأحفاذي .لم تكن المسافة كبيرة بين بيتنا المدفون تحت الارض وكنيسة المسيح التى تحتل نصف مساحة الخضراء .قال والدي المسيح نبي عظيم عاش مثلك سنوات تحت الارض .لأن صعد إلى السماء وترك هذا البناء الكبير فوق الارض .ادعوا لنفسك بالهادية وهيا ننصرف .لم نبتعد كثيرا .كان هناك مسجدا ذا قبة واحدة .تحيط به أشجار الصنوبر .المأذنة التى ٱرتفعت خمسة عشرة قدما من على سطح البناء ادهشتني .هالنى حين رأيت النافذة التى يقف عليها الامام وهو يؤذن للصلاة مفتوحة على السماء .المسجد لا يرفض احد رأيت بشر يدخلون منكسي الرؤوس .واخرين مبتسمين.ورايت الحفاة ولابسي الاقنعة والمراؤون .
مازلت افكر في نفسي والارض تمتد أمامي .وعرش ابي أتى عليه الزمن .حتى اقمت على تخوم مدينة مهجورة من البركات .زرت البحر فارعبني الموج .كانت رائحة الموت قد افزعتني .ولغة المكان لم افهمها .كم وددت العودة إلى الداموس الذي ولدت فيه فهو اقرب ما يكون لبطن امي .حيث لا يشغلني شئ في هذا العالم الذي لن يرث احد ..
__________________
على غالب الترهوني
بقلمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.